الخميس، 12 مارس 2009

الوطن الكبير

الوطن الكبير

يا أيّها الوَطَنُ الكبير علَى الخَريطَةِ
صِرْتَ مَقْطُوعَ النَسَبْ
دُفِنَتْ قصائدُكَ الطويلةُ
وانتَهَى عَصْرُ العَرَبْ
ما عادَ يُجْدِي ذَلك الشِعْرُ الجَميلُ
فإنَّهمْ
ذَبَحُوا القِراءةَ
أحْرَقوا كُلَّ الكُتُبْ
ما عاد يُجدي
أيَّ سَيْفٍ
أيَّ خَيْلٍ
فالجميعُ تَرَوَّدَتْ أفْكارُهمْ
مَنْ قامَ مِنْهمْ كَيْ يقولَ حقيقِةً
فَتَخَنَّثَتْ كلماتُهُ
وتَراهُ نَدَّدَ أوْ شّجَبْ
سِتّونَ عامًا والجميلةُ تُغْتَصَبْ
ستّون عامًا والملوكُ بأرضِها
قدْ أتْقَنوا قهْرَ الشعوبَ
تَفَنَّنوا جَمْعَ الذَهَبْ
حتَّى اللسان تَقَلَّصَتْ كلماتهُ
وتَشابَهَتْ كُلّ الخُطَبْ
ستّون عامًا
والمدائنُ تُسْتَباحُ مِنَ الجَميعِ
ونَحْنُ نَبْحَثُ عَنْ سَكَنْ
بغدادُ قدْ سَقَطَتْ بأيْديهِمْ
وصارَ نسيمُها مُتَأمْرِكٌ
وفُراتُها بين الحياةِ
وبين أحضان الكَفَنْ
وتُرابُ مِصْرِ يُباعُ
للسمْسارِ
والقوَّادِ
والذُلِّ المُرَصَّعِ بالشَجَنْ
ماذا سَيَفْعَلُ شعْبُها؟!
والجوعُ يَلْسَعُ في البَدَنْ
ماذا سيفعل شعبها؟!
والغَدّ صار مُحَطَّمًا
والأمْسُ صار مُحَطَّمًا
والحاضِرُ المَذْبوحُ
صار مُقَيَّدًا بجميع أشكال المِحَنْ
ماذا تَبَقَّى في بلادي
غَيْرُ أصْنافِ العَفَنْ
ستّون عامًا
واليَهود يضاجعون نسائنا
وجنودنا تركوا الحروب وأصبحوا
حرَّاس طاغِيَةٍ يَبيعُ بلادهُ
ويقابل التاريخ في ثوْبِ البَطَلْ
ووسائلُ الإعلامِ تُعْلِنُ
عَنْ بطَولاتِ الذي
باع القضيَّةَ كُلَّها
دَفَنَ الحقيقةَ بين أوْراق الأجَلْ
والشعْرَ صار مُحَرَّمًا
ويَذوقُ طَعْمَ المُعْتَقَلْ
ما عاد فينا مِنْ رجالٍ
كلهمْ صاروا كلابًا
يحْرسون الذِئبَ مِنْ كَيْدِ الحَمَلْ
مَنْ يا تُرى يأتي ويعْطينا الأمَلْ
مَنْ يا تُرى يأتي ويُصْبحُ فارسًا
ويُعيدُ مفْتاحَ المدينةِ
يَذْبحُ الطاغي
يُنَوِّرُ ما أفَلْ
فمَتَى سَتُنْجِبُ بلْدتي ذاك الرَجُلْ